الثلاثاء، 22 مارس 2011

إليوت في شعره المُبكِر

قصائد إليوت هذه كُتبت ما بين ( 1907- 1910 ) في جامعة هارفارد. حيث كان يعمل عضواً في هيئة تحرير مجلة أدبية للطلاب. ولد إليوت في سانت لويس بولاية ميسوري.
لعائلته جذور إنكليزية, حيث كان يقضي إجازات الصيف في غلوسيستر، ماساتشوستيس و شمال بوسطن. قبل دراسته في جامعة هارفارد، كان يدرس في أكاديمية سميث في سانت لويس و أكاديمية ميلتون في ماساتشوسيتس و بعد تلقيه درجة ال   ( A.M) حصل إليوت على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة هارفارد. بين عامي ( 1910 -1911) درس إليوت في جامعة السوربون في باريس, و في عام 1914 غادر ليدرس في كلية ميرتون في أُكسفورد.
عام 1915 تزوج من سيدة إنكليزية تدعى فيفيان هايغ وود, و قرر أن يبقى في إنكلترا كأحد الرّعايا البريطانيين. ولكن مع أنّه أكمل أطروحة الدكتوراه إلاّ إنّه لم يذهب أبداً إلى جامعة هارفارد لمناقشتها. بين عامي ( 1917 – 1925) عمل في بنك لويدز، ومن ثم انضمّ إلى دار نشر ( فابر وغوير ) التي أصبحت فيما بعد( فابر و فابر) حيث أمضى بقية حياته.
إليوت في شعره المبكر
في مقابلة أجريت معه 1959 لمجلة (The Paris Review) تكلّم إليوت عن شعره المبكر مع التركيز على قصيدة “Song” التي ظهرت في صحيفة أكاديمية سميث ومن ثم بشكل مختلف في هارفارد.
المحاور- ربما يمكنني البدء من البداية, هل يمكنك تذكر الظروف التي بدأت بها كتابة الشعر في سانت لويس عندما كنت يافعاً؟
إليوت- أعتقد أنني بدأت في عمر الرابعة عشر بإلهام من عمر الخَيام لكتابة عددٍ من القصائد المُلحدة و المُحبطة على نفس النمط، والتي لحسن الحظ تجاوزتها تماماً و هي الآن  غير موجودة, لم أُظهِرْها لأحد.
قصيدتي الأولى في سجلات أكاديمية سميث، و من ثم جامعة هارفارد كُتبَتْ كتمرين لمدرسيّ اللغة الإنكليزية، و قد كانت من وحي “بن جونسون”,  و أنا أعتبرها جيدة جداً بالنسبة لشاب في الخامسة عشر أو السادسة عشر من عمره. ومن ثم كُتبتُ القليل في هارفارد، أي ما يكفي لتأهيلي لانتخابات رئاسة تحرير مجلة أدبية في جامعة هارفارد التي استمتعت بها, و من ثم حصل معي ما يشبه الانفجار إذ أصبح إنتاجي أكثر بتأثير من “بودلير”، و من ثم “جولز لافورغ” الذي اكتشفته في سنواتي الأولى في هارفارد.
أغنية
عندما عدْنا إلى البيت عبر التّل
لم يكن هناك أوراق تتساقط من الأشجار؛
الأنامل الناعمة للنسيم
لم تمزّق بيوت العنكبوت المرتعِشة.
السياج  ما زال  يضجُّ بالزهور،
لا بتلات ذابلة قربه؛
و لكن زنابق إكليلك البريّة
خبَتْ, و صارَتْ أوراقها بنيّة اللون.
أغنية
إذا كان الفراغ و الوقت، كما يقول الحكماء
أشياء لا يمكن أن تنوجد.
الذبابة التي تعيش يوماً واحداً
قد عاشت طويلاً مثلنا.
مع ذلك فلنعشْ ما دمنا أحياء،
بينما الحب و الحياة أحرار،
لأنّ الوقت وقت، وسيهرول بعيداً،
مع أنّ الحكماء لا يوافقون.
الزهور التي أرسلتها  لك بينما كان الندى
يرجفُ على العريشة؛
قد ذبلتْ قبل أن يطير النحل البريّ.
ليرشف زهرة النسرين,
و مع ذلك فلنسرع و نقطف أخرى
من دون حزن لرؤيتها تذبل,
مع أن زهور الحب قليلة
لتكن مقدسة.
*
قبل الصباح
بينما كان الشرق كلّه يُحيكُ الأحمر بالرّمادي
تدلّتْ الزهور على النافذة ّ إلى الأسفل باتجاه الفجر،
بتلة فوق بتلة, تنتظر النّهار،
زهور نضرة, زهور ذابلة, زهور الفجر.
زهور الصّباح  و زهور البارحة
عطرها يتلاشى في الغرفة عند الفجر،
عطر التّفتح و عطر التّلاشي،
زهور نضرة، زهور ذابلة, زهور الفجر.
قصر سيرس
حول نافورتها التي تجري
بأصوات الرجال المتألمين,
زهورٌ لا يعرفها أحد.
بتلاتها حمراء بمخالب
و بمسحة واهية من عار مُتخفٍّ.
أزهرتْ من أطراف الموتى.–
لن نأتي إلى هنا ثانية.
الفهود تنهضُ من عرينها
في الغابة التي تتكثّفُ في الأسفل،
على طول درج الحديقة
يستلقي الثعبان الخامل؛
مشيةُ الطاووس، متغَطرسة وبطيئة
الجميع ينظر إلينا
بعيون رجال عرفناهم منذ أمدٍ طويل.
في اللوحة
وسط زحام أحلامٍ مُحتشدة، ليستْ مألوفة لدينا
لعقولٍ متحفّزة و أقدام ضجرة,
أبداً تسرعُ، جيئةً و ذهاباً على الطّريق,
في الليل تقف وحيدة في الغرفة.
ليس كآلهة ساكنة منحوتة من الحجر
بل سريعة الزّوال، كشيء علينا أن نلتقيه.
*اللاّميا الحالمة من  بعض الغابات انسَحَبَتْ،
هي الخيال اللامرئي لكلٍّ منّا.
لا تأملات سعيدة, أو مُنذرة بالشؤم
تُربِكُ شفتيها, أو تحرّك يديها المُرهَفَتين؛
عيناها الدّاكنتان تُخفيان أسرارها عنّا,
خلف عالم أفكارنا تقف.
الببغاء على الحاجز, جاسوس صامت،
يَرقبها بفضولٍ وأناة.
*اللاّميا : وحش خرافي له جسد أفعى و رأس امرأة، يُغري الأطفال و الفتيان لمصِّ دمائهم.
أغنية
زهرة القمر تتفتح لفراشة البشارة,
السّديم يزحف من البحر؛
بومة الثلج، طيرٌ أبيض كبير.
من شجرة الماء تنزلقُ
الزهور، والحب الذي تُكنّه
الأكثر بياضاً من سديم البحر؛
ألديك زهورٌ استوائية أكثر إشراقاً
و بحياة قرمزية، لي.
المقطوعة الحالمة
روميو العاشق المهيب، المتمسّك
بالغيتار و القبعة في اليد، قرب البوابة
مع جولييت, في الحوار المعتاد عن
الحب, بالقرب من قمر ملول و لكن وقور؛
تتعذّر المحاورة، يعزف شيئاً من لحنٍ
سخيف، وغير مثيرٍ للشفقة كما يليقُ بهما
خلف الجدار، لديّ بعض الخدم ينتظرون،
طعنة، و تغوصُ السيدة في إغماءة لذيذة.
* الدّم يبدو مؤئراً على الأرض المُقْمِرة
البطل يبتسم؛ بمزاجٍي الأعلى الموارب
صوب القمر أُدحرجُ عيناً مخبولة عصية على الفهم،
(ليس من حاجة إلى “حبٍ أبدي”؟- – “حب في الأسبوع القادم؟”)
بينما تغرق كلّ القارئات بالدمع:–
“كلُّ العشاق الحقيقيون يرغبن بالذّروة المثلى!”
كآبة
الأحد: هذه السّلسلة من وجوه
الأحد الرّاضية المحدّدة؛
أغطية رأس, قبعات حريريّة و نِعَمْ واعية
لا تملُّ من الاستيلاء
على منطقك الخاص
بهذا الاستطراد اللامبرر.
مساء, أنوار, شاي!
أولاد و قطط في الزقاق؛
ضجر يعجز عن مقاومة
هذه المُؤامرة المُملّة.
* و الحياة، جرداء قليلاً ورمادية,
فاترة, مُرهفة, و رقيقة،
انتظارات, القبعة و القفازات في اليد.
تعديل الياقة و البدلة
(نوعاً ما لا صبر لي على التّأخير)
على عتبة المطلق.
قصيدة غنائية
لأجل الساعة التي غادَرَنا فيها  معرض هارفارد, معك،
و قبل أن نواجه  السّنوات المُزعجة,
في ظلّك ننتظر, بينما يبدد حضورك,
ترددنا العقيم و مخاوفنا,
و دائماً نعود كأبناءٍ لك،
بقوة الآمال التي تمنحها مباركتك,
و من الآمال و الطّموحات التي ازهرّت عند قدميك
لأفكار من الماضي  كلَّما مضينا.
الآن لأجل كل  السّنوات التي خسرها الغد
ما زلنا الأقل قدرة على الحزن،
بالكثير الذي حملناه بعيداً من هارفارد..
بدلاً من الحياة التي غادرناها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق